لها لأون لاين - موقع المرأة العربية

29 - ربيع أول - 1438 هـ:: 29 - ديسمبر - 2016

لماذا لم يثبّتني الله ؟ لماذا زلّت قدمي ؟

السائلة:يقين

السلام عليكم ورحمة الله
أنا في حيرة شديدة من أمري .. أنا في دوّامة رهيبة من الأفكار حتّى أنّي لا أركّز في حياتي ودراستي ولا في صلاتي وشهيّتي للطعام قلّت كثيرا .. أحسّ أنّ الدنيا كلّها أغلقت في عينيّ ولم أعد أستمتع بأيّ شيء في هذه الدنيا ... أنا مكسورة وحزينة حزنا لو وزّع على مئات الناس لوسعهم .
فيّ من الحسرة ما يقصم ظهري وما يوجع قلبي .. تعبت من البكاء وتعبت من الحزن وتعبت من كلّ شيء .
أنا أحبّ الله وأحبّ أن أطيعه ولم أعترض يوما على قضائه وقدره فيما قدّر من ابتلاءات .
لسان حالي يقول دائما يا ربّ رضيت بما قسمت لي وبما اخترت لي .. يا ربّ يكفيني أنّك اخترت لي هذا القدر فكيف لا أرضى ؟ ويكون قلبي من داخلي راضيا ولا أشتكي من أيّ شيء ..
ابتلاني الله بمعصية ولم يوفّقني للتوبة إلاّ بعد وقت طويل رغم أنّي كنت في حيرة من أمري ، وكنت أدعوه لكنّه لم يسخّر لي من ينقذني من هذه المعصية وتركني أتمادى فيها .. وأنا في وقت حدوث المعصية كنت أساعد الناس في حلّ مشاكلهم بكلّ ما أعطاني الله من علم و قوّة و سلطة .
بعد مرور سنوات أنا الآن في حسرة شديدة أعاني من تبعات هذه المعصية .. وتوجد تساؤلات في ذهني لم أجد لها إجابة ، تؤرّقني وتقتلني وأخاف حتّى من ذكرها .. أخاف الله أن يغضب عنّي أنّي أفكّر هكذا ... لكن تساؤلات ملحّة أتعذّب بها كثيرا وهي : لماذا أنا هنت على الله لماذا ليس لي قيمة عند ربّ العالمين .. لماذا تركني في المعصية دون أن يرسل إليّ من ينصحني و قد كنت أنصح الناس وأساعدهم ؟
لماذا لم يوفّقني للتوبة مع أنّي كنت أريدها ؟ لماذا وكّلني إلى نفسي ولم يعصمني .. لماذا بنات مثلي وقعن في نفس الخطإ ولكن لفترة قصيرة حيث أنّ الله سخّر لهنّ موقفا يوقظهنّ من غفلتهنّ ووفّقهنّ للتوبة ، أمّا أنا فلا ... تركني أتمادى حتّى كبر الموضوع ولحقتني مشاكل منه .
لماذا أنا عند الله هيّنة وليس لي قيمة ؟ كيف هنت عليه؟ همّي في قلبي لا أجد من يساعدني .. وهو يعلم في سابق علمه أنّه ستأتيني حسرة شديدة ..الآن أكملت ستّة شهور وأنا في حالة لا يعلمها إلاّ الله .. يعلم ومع ذلك تركني
سؤالي : كيف أرضى عن الله في هذا الموقف ؟ كيف أرضى عن المعصية .. أريد القرب من الله وهو يبعدني .. كلّما أتذكّر أنّه ليس عندي أحد ينصحني ، وليس لي صديقات ولم يسخّر لي اللجوء إلى استشارة أحد أحزن كثيرا ..
أحسّ أنّي هنت على الله ... أحسّ أنّي مكسورة من ربّ العالمين .. إلى من ألتجئ وإلى من أشتكي ؟
أنا إذا انكسرت من شخص ألجأ إلى الله كي يجبرني ..
الآن انكسرت من ربّي الذي أحبّه وكلّ ثقتي وتوكّلي واعتمادي عليه ..
يعلم الله أنّي أحبّه وأثق به وأتوكّل عليه وأحاول التقرّب إليه ومع ذلك تركني ولم يكرمني بالتوبة ولم يعصمني .. لماذا وغيري يحبّه الله ويعصمه ؟
أشعر بحسرة شديدة على الماضي لكنّي لا أستطيع تغيير ما حدث وهذا يضاعف الحسرة لديّ .
أخاف أن أموت وقلبي غير راض وفي نفس الوقت كيف أرضى عن المعصية التي وقعت ؟ كيف أرضى بهذا القدر ؟ كيف أرضى أنّ الله أبعدني عنه ؟
( المعصية كانت علاقات كتابيّة مع شباب ) وأنا لسذاجتي وطيبتي اعتبرتهم إخواني ولم أعتبرهم شبابا أجانب ، ولم أتركهم إلاّ بعد أن كدت أطلّق من زوجي ، وكان هذا قبل الزواج في فترة الملكة .. وكنت دائما أنوي تركهم وأدعو الله أن يثبّتني ولكنّه لم يستجب لي فكنت أعود .. أنا الآن ألوم نفسي على الذنب ثمّ أقول لماذا ألوم نفسي ؟ الله لو لم يردني أن أقع فيه لعصمني .. الله هو الذي قدّر عليّ الوقوع فيه ..
أنا فعلا مكسورة من ربّي .. حتّى إذا أردت أن أدعو لا أعرف ما أقول .. أبكي فقط .
أقول في قلبي هنت عليك يا ربّ إلى هذا الحدّ ؟ لماذا ؟
والله يعلم أنّي ما كنت أنظر إلى ما عند الناس من مال أو جمال أو أيّ نعمة لأنّي كنت أقول في قلبي يكفيني نعمة الإيمان التي أودعها الله في قلبي .. هذه أكبر من كلّ ملذّات الدنيا .. وكنت قبل هذه المعصية متديّنة جدّا إلى درجة أنّي ألقي محاضرات ودروسا دينيّة وحافظة القرآن ..
لماذا لم يثبّتني الله ؟ لماذا زلّت قدمي ؟
أخاف أن أموت وألقى الله بهذه الأفكار التي لا أعرف كيف أردّ عليها أو أتخلّص منها .

أرجوكم ساعدوني لأنّي في حال لا يعلمه إلاّ الله .

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم

الغالية يقين
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يا لجميل الاسم يقين ومعك كلّ الخير بعون الله ..
نبدأ يدا بيد ..لنسمع استشارتك بالقلب ..
بداية الحمد لله على نعمة النور بعد الظلمة ، وبارك الله في روحك وبدنك وأبعدك عن كلّ سوء .

يقين :
علاقة المؤمن بالدنيا علاقة ابتلاء ..
ربّما ينجح وربّما يتعثّر لينجح بعدما ينقّى من كلّ كدر ..
والذنوب تمحق كلّ خير وتكسر كلّ إضاءة والتوبة تجلّي هذا كلّه وتعيدنا إلى الجادّة والحياة الحقيقيّة اللذيذة .

وحتّى ندرك الصفو كاملا نبتلى بالذنب ونخذل لا لأنّ الله يبغضنا لذواتنا ، بل لأنّ الله أبغض فعلنا ..وحتّى نعود إلى صفو السماء لابدّ أن نتخلّص من كدر الطين الذي في طبيعتنا ..

جميل لو قرأت هذا
www.almurabbi.com/DisplayItem.asp?ObjectID=48&MenuID=23&TempID=2

و كتاب الإيمان بالقضاء والقدر
www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=184030

وسيجيبك على كلّ أسئلتك بعمق ..

يقين
مبارك هدايتك ومبارك وعيك وراغمي الشيطان فلا تتراجعي .

وأنت من الخير ما يجعلك تتجاوزين الحيرة ..
أحسني الظنّ بالله ، فلو تركك لما تركت ذنبك ، بل نصرك وصفّاك وقوّاك وكان قريبا منك .. وخذلان المرء من نفسه، والله يجبر النقص بعفوه وكرمه ..

أتركك بعفو من الله ورضوان .
طيبي نفسا فالله لو تركنا لما كرفت عنّا عين ولكنّه لطيف يكرم ويجود ، يعفو ويغفر ، يتوب ويستر ، فلا نعامل كلّ هذا العفو باستنكار ، يريد الشيطان فيه بعدنا عن ربّنا .. كوني بخير .
والسلام

( عزيزي الزائر: المستشار بحاجة إلى أن يعرف تقييمكم للإجابة.. فلا تبخلوا عليه بالتقييم الموجود في أعلى الإجابة على اليمين .. ولا تبخلوا على المستشير برسائلكم وتجاربكم فإن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه )